خلق الإنترنت مجتمعا جديدا بدأ يتشکل عبر فضاء الواقع الافتراضي، وأطلق عليه العلماء اسم ”المجتمع الرقمي“، وأصبح لهذا المجتمع ملامح اجتماعية واقتصادية وثقافية تختلف عن تلک الموجودة في العالم الواقعي، وتبعا لذلک ظهرت منظومة من القيم والأخلاقيات التي أخذت تفرض نفسها. والرواية الرقمية من الفنون الأدبية المعاصرة التي تعبر عن أزمة الإنسان الافتراضي في المجتمع الرقمي الذي يعيشه.
وإلى وقت قريب کان أطراف العمل الإبداعي: الکاتب والنص والمتلقي، ولکن في عصر المعلومات أصبح الحاسوب أيضا طرفا في العمل الإبداعي، وهکذا طال التغيير أطراف العمل الإبداعي بداية بالکاتب وانتهاء بالمتلقي، وأصبح هذا الفن يختلط بغيره من الفنون اختلاطا کبيرا، تنظيرا وإبداعا ونقدا، فلا تکاد ملامحه تستقل عن فنون القصة القصيرة والرواية والمسرحية والشعر والفيلم السينمائي والصورة.
والرواية الرقمية هي تلک الرواية التي تُدخِل عناصر غيرَ لغويةٍ في السرد المسموع والمرئي، وتستخدم الأشکال الجديدة التي أنتجها العصر الرقمي، وعلى الأخص تقنية النص المتفرع، التي تعتمد على التحريک الإلکتروني، ومؤثرات الصوت، والصور النابضة بالحياة. وهي عمل جمعي مفتوح البدايات والنهايات، والراوي نفسه أصبح شموليا؛ فهو مبرمِجٌ، على إلمام واسع بالکمبيوتر ولغة البرمجة، ويعرف فن الإخراج السينمائي وفن کتابة السيناريو والمسرح.
وتهدف هذه الدراسة إلى توضيح الجوانب الفنية التي تميز هذا النوع الجديد من الرواية، من خلال ”قصة ربع مخيفة“ لأحمد خالد توفيق.